أنت الآن في كلية الطب.تدرس كل شيء متعلق بجسم الإنسان.. كل شيء و لكن أراهن أن معظمكم لا يشعر بان دراسة الطب تختلف عن أي دراسة أخري, تختلف بصورة كبيرة. في المراحل الدراسية السابقة كنتم تدرسون علوم متنوعة و مختلفة ,كنتم تدرسون بطريقة أفقية أي بمعني كميات بسيطة من مواد كثيرة لكن بعد انتقالك إلي هنا يجب تتعمق راسيا داخل فرع واحد من فروع العلم الإنساني أو بمعني آخر انك "تتخصص" و هذه الدراسة ممتعة لمن يستقبلها لا كمادة دراسية صماء بل كأساس عريض أو بنية تحتية لحياته القادمة كلها.
تختلف دراسة الطب في أن كل شيء تدرسه منذ العام الأول و حتى التخرج سيظل ملازما لك طوال عمرك الدراسي و المهني. و لهذا احذر احذر أن تتعامل مع ما تدرسه الآن بصورة مؤقتة كما كنت في المرحلة الثانوية. فهذا خطأ. فالحقيقة هو أن ما تدرسه يجب أن يظل باقيا في رأسك حتى نهاية عمرك. لا لمجرد أن تصبه في ورقة الإجابة ثم بعد ذلك و كأنك لم تدرس شيئا ..
تختلف دراسة الطب في أنها يمكن تطبيقها بصورة عملية منذ العام الأول و هذا مصدر متعة فيها. لعلك تذكر حين أصبت بصداع أو مغص أو شد عضلي و غيرها من الوعكات البسيطة. صدقني بعد فترة بسيطة من دراستك ستكون قادرا علي معرفة التفسيرات لأسباب هذه الأشياء أليس هذا رائعا؟
إن دراسة الطب هي أقرب للواقع أكثر من أي دراسة أخري. فأنت تدرس جسدك و ليس هناك شيء اقرب إليك منك.. مثلا في مادة التشريح في "upper limb" يمكنك بقليل من دقة الملاحظة و حين تتعمق أكثر في هذا الفرع أن تقف أمام المرآة و تتحسس العضلات أو نتؤات العظام !!!!
كذلك يمكنك أن تقيس نبضك و تلاحظ تسارعه أو تباطؤه!!!
تختلف دراسة الطب في انك من خلالها تدرك عظمة و إبداع الله عز وجل ,,.حين تتعرف علي النظام الدقيق المتناسق الذي يعمل به جسدك. عندها ستدرك أن زمن المعجزات لم ينتهي بعد. و يجب عليك أن تستحضر هذا أثناء دراستك حين تتلقي المعلومة يجب أن تكون مدركا أن هذا من صنع الله .مادة مثل التشريح حين تري كيف خلقت هل تعتقد أن هذا شيئا بسيطا يمر عليك مرور الكرام؟؟هل تري أن ما صنع بيده الكريمة يستحق أن تمل منه أو تضيق أو حتى تنظر إليه كمادة صماء لا تحاول أن تفهم منها شيئا؟؟ هل تعتقد أن هناك دراسة أخري تعطيك الفرصة أن تري نفسك و أنت تخلق؟؟ أن مئات العلماء الغرب قد اسلموا بعد رؤيتهم و دراستهم لما رايته و درسته فماذا عنك أنت؟؟ أن لم تدرك هذا فأنت في مشكلة كبيرة!!! دراسة تعطيك فرصة أن تتقرب من الله عز وجل و ليست كل الدراسات تفعل هذا.. قولك سبحان الله حين تعرف معلومة أو تري شيئا من آيته في جسدك تقربك من الله خطوة ...دراسة الطب ارقي العلوم الدنيوية.. و أري أنها تجمع بين الدين و الدنيا..فبطريقة رائعة حولت مذاكرتك إلي عبادة. و ذلك يحدث فقط حين تستحضر عظمة الله و أنت تقرأ في كتاب التشريح أو الفسيولوجي. حين تضع في ذهنك أن دراستك ما هي إلا عالم ينتظر منك استكشافه.
و هنا أقول لك أن تجعل من دراستك طريقا لرفع درجة إيمانك بالله و تزكية دينك. و اكرر لا تنسي أن تستحضر عظمة الله استذكارك فالله عندها لن يبخل عليك بصفاء الذهن و سهولة الاستيعاب.
تختلف دراسة الطب في انهل تعطيك الفرصة لإعمال مخيلتك.. و هذه ضرورة حيوية.. لن تفهم شيئا مما تدرسه بدون أن تتخيله.. و في ماده التشريح لن يكون ذلك مشكلة صعبة لوجود الكتب و الرسومات و الجثث و العظام.. و لكنها غير متوفرة في مادة مثل الفسيولوجي التي هي عبارة عن شرح وظائف حيوية تتم في خطوات و لن تستطيع بسهوله حفظه أو استيعابه دون أن تتخيل ماذا يحدث بالصورة و يمكنك أن تطبق هذا علي action potential ...
الخيال أداه هامة جدا لإتقان دراستك. و هو كذلك هام لحياتك المهنية حيث تحتاج إلي قدر كبير من اتساع الأفق و ابتكارية التفكير. و عليك أن تعتمد بصورة كبيرة علي الرسومات و الصور لان المذاكرة المرئية من اقوي أنواع الذاكرات و حول مذاكرتك إلي مخططات و صور و ستجد الحياة سهلة......
تختلف دراسة الطب في كونها علم عالمي مصادرة متعددة. بمعني أن ما تدرسه هنا يدرس في الصين و ليس معني هذا أن تدرس في كتب الصين " كما يمكن أن يفهم بعض الأذكياء"بالطبع لا.. كل ما اعنيه انك يجب أن تتخلص من نظام المسطرة المتفق عالميا في الثانوية العامة.. تحري المعلومة لا اللفظ.. و لكن بصراحة أن نظام المسطرة أكثر سهولة لأنك لا تجد صعوبة ترتيب الكلمات و تكوين الجمل و لكن أنت تحفظها جاهزة و هذا ليس أسلوب تعلم راقي ...و لكن لك عذر في انك تعودت علي ذلك. و لكن من الآن احرص علي أن تصل إلي درجة الفهم التي تمكنك من الكتابة بأسلوبك دون الإخلال بصحة المعلومة. درب نفسك علي هذا طوال العام حتى تصبح متمكنا .و ابحث عن مصادر تتيح لك التطلع في هذا العلم مثل المراجع التي توجد في مكتبة الجامعة " وهذا بالطبع ليس فرض بل لمن يريد التوسع" ..
و حتى لا انسي ....إذا كنت ممن يضيقون بسيطرة الدراسة علي يومك كاملا و إذا كنت ممن يحبون المرح .و إذا كنت ممن يشعرون بتأنيب الضمير حين لا يذاكرون شيئا ..حاول أن تبحث عن وسائل الترفيه نابعة من خلال دراستك حاول من البداية أن تحدد وقت معين للترفيه " الخميس كما هو متعارف عليه بين الطلبة العصريين"
اجعل دراستك شيء لا فرار منه و لا سبيل لتأجيله " و أنا انصح نفسي قبلكم" اطلب منك أن تتأقلم إذا أغلقت علي نفسك مع المذاكرة " هتطق تموت" أو تخرج منها إلي ما يلهيك عنها تماما ونحن جميعا نعلم وسائل تضييع الوقت في الجامعة ما أكثرها"
لا تدع شيء يلهيك عن دراستك التي هي مستقبلك و لن تنجح في ذلك إلا بالحصول علي قدر مناسب من الجانبين معا ..... و لن تدرك أهمية هذا الكلام إلا ليلة امتحان الفسيولوجي " اللهم ما بلغت اللهم فاشهد"
و أخيرا ... أنت ألان تدرس مستقبلك تدرس حياتك فان لم تبذل أقصي ما تستطيع من الآن لن تجد الفرصة لذلك في حياتك القادمة و تذكرخريج كلية طب لا شيء لكن طبيب " شاطر" كل شيء