علي- المشرف
- عدد الرسائل : 2785
تاريخ التسجيل : 10/07/2008
من طرف علي 2011-05-05, 21:28
|
[b][size=16]مقالة في العلوم الإنسانية و العلوم المعيارية
طرح المشكلة :إذا كانت الأجسامتختلف في طبيعتها فهي تتفق في خضوعها لقوانين ثابتة ولنظام واحد هو نظامالكون ومثالنا على ذلك فإنه مهما كانت طبيعتها جامدة أو حية ،مادية أومعنوية فإنها خاضعة لنظام كوني واحد،كما أن أحكام الإنسان تختلف على هاتهالأشياء مما يجعلها خاضعة للأذواق والميول مما يجعل أحكامنا لها أحكامتقديرية ،ولكن الشيء الذي نجده يختلف هو الشيء الذي يتعلق بالخصوصياتالإنسانية التي ينفخ فيها الإنسان من روحه وهذا ما يجعلها تختلف عنالظواهر الفيزيائية المنتمية إلى عالم الأشياء ، مما يفرض علينا أن تكونلكل واحدة من هاته الظواهر طريقة منهجية خاصة كما تعتبر الظواهر الإنسانيةظواهر معقدة وهذا راجع إلى عوامل إنتاجها متداخلة ومترامية الأطراف كماتعتبر نتاج تفاعل مؤثرات نفسية و اجتماعية ضمن حدود الزمن وهذا ما يجعلالعلوم الإنسانية تتجلى في جملة العلوم الإنسانية أهمها :علم التاريخ ،علمالاجتماع، وعلم النفس ،ومن حل هاته التداخلات والارتباطات بين الوقائعالاجتماعية و النفسية و بغيرها من المؤثرات ومن أجل حل هذا التداخل نتناولثلاثة محاور أساسية: 1-كيف السبيل إلى ضبط مفهوم العلوم الإنسانية: أولا :بين علوم الإنسان وعلوم إنسانية: 1)مفهوم العلوم الإنسانية :وهيتسمى العلوم المعنوية وهي تتخذ من أحوال الناس وسلوكاتهم موضوع الدراسةوفق منهج منظم ،تدرس واقع الإنسان كفرد لوحده ،أو فردًا من جماعة ،أي أنالعلوم الإنسانية علوم تتناول فاعليات الإنسان المختلفة وساعية إلى ضبططبيعتها وتحديد دلالاتها ومقاصدها المختلفة. 2)موضوعها:تدرس كل ما يصدر عنالإنسان من سلوكيات من مختلف أبعاده ، العاقلة والنفسية والاجتماعيةوالآثار التي وراءه والتي تدل على وجوده وحضوره ،كما ترد تسميتهالاهتمامها بموضوع الإنسان و بما تثيره من تأويلات تتعلق بالقيم و الأخلاق . ثانيا:الفرق بينها وبين العلوم المعيارية: أن العلوم الإنسانية تدرس الحالةالراهنة أي ما هو كائن أما العلوم المعيارية فهي تهتم بما يجب أن يكون أيبما تحمله الأماني كعلم النطق وعلم الجمال وعلم الأخلاق . ثالثا:نقول الإنسانية مثلما نقول التجريبية والمعيارية: نقول إنسانية نسبة إلى موضوعها ،ونقول تجريبية نسبة إلى منهجها التجريبي كما نقول معيارية نسبة إلىالمعيار الذي يقدر على مثاله السلوك أي ما يجب أن عليه السلوك 2- ومع ذلك يمكن الاعتقاد بأنها علوم على منوالها : ونقصد بذلك الصعوبات التي تعترضنا خاصة في تطبيق المنهج التجريبي التي تواجهنا وطريقة تذليلها والوصولفيها إلى نتائج وهاته الصعوبات نجدها على مستوى علو التاريخ ،وعلوالاجتماع وعلم النفس ،كما نبين كيف تمكن العلماء من اقتحامها كل في تخصصه أولا: عوائق تطبيق مقياس التجربة بالمفهوم المستعمل في العلوم التجريبية : إن السبب الذي يشكل عقبات أمامتطبيق مقياس التجربة المعروف في العلوم التجريبية في العلوم الإنسانيةأنها ظاهرة ذاتية وقصدية، كما توجهها جملة من القيم القواعد ، كما أنهالاتثبت على حال ،كما أنها مصدر الإبداع والحرية ،ناهيك أنها متصلة ببيئةالإنسان وأخلاقه وثقافته وعواطفه وبمبادئه، ولا يمكن التنبؤ بها كل هذهالخصائص تجعلها متميزة على بقية الظواهر، لذلك فماهي هذه العقبات علىمستوى التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس . 1) عوائق الحادثة التاريخية :يمكن ردها إلى خمس خصائص: أ- أنها حادثة ذات سمة فردية، تجري في زمن محدد ومكان اجتماعي معين. ب- لا تتكرر، لأن الزمن الذي حدثت فيه لا يعود من جديد ,وبهذا تكون غير خاضعة لمبدأ الحتمية لأن حوادث التاريخ حوادث تمضي لا تعود. ج- غير قابلة لأن تعاد من جديدبطرق اصطناعية وغير قابلة للتكميم ، لا يمكن التأكد تجريبيا من صحة الفرض، ومنه عدم الوصول إلى نتائج وبتالي استحالة التنبؤ . د- يصعب تحديد بداياتها الواضحة وأصولها البعيدة ، ونتائجها وقت حدوثها . ه- انفلاتها من الدراسة الموضوعيةالنزيهة ،أي أن المؤرخ يكتب التاريخ وفق ما يتماشى مع واقعه الذي يحياه ،كما أن التاريخ عكس العلم الذي يقرب الناس فإن التاريخ يعمل على تشتيتهملأن لكل مجتمع تاريخه وأسلوبه في تمثيل تاريخه 2) عوائق الظاهرة الاجتماعية : يمكن ردها إلى خمس نقاط , أ- ليست اجتماعية خالصة ، أي أنهاتنطوي على خصائص بيولوجية ونفسية وتاريخية وهذا ما جعل العلماء يختلفون فيتصنيفها بين الظاهرة الحيوية البيولوجية أو الظاهرة النفسية أو الأحداثالتاريخية ، ولكن بعضهم يرجح ضمها إلى مجال الأحداث التاريخية , ب- أن الظواهر الاجتماعية بشريةلا تشبه الأشياء ، لأنها بحياة الإنسان وكل ما هو متصل لا يخضع للبحثالعلمي كما يملك الحرية والإرادة مما ينفي خضوعه للحتمية التي تحكمالظواهر المادية . ج- أنها خاصة وليست عامة وما هوخاص يكون غير قابل للدراسة من خارج بفضل التحليل والتجربة ومن هنا ابتعادالموضوعية في علم الاجتماع د- ذاتية معقدة أي تدخل في تأليفهعناصر متشابكة بعيدة عن البساطة المعروفة في مجال الظواهر المادية ، وهذاما يجعلها وصفية ليست كمية ه- كما أنها ظواهر تصعب عنالتجربة أصلا للقوانين الطبيعية التي يهدف العلماء إلى وصولها والتيتساعدهم على التنبؤ بالظواهر . وبذلك يستحيل على الباحث الاجتماعي تدوينقوانين تصور لنا ما سيكون 3)عوائق الحادثة النفسية :ويمكن ردها إلى أربعة نقاط: أ-أنها موضوع لا يعرف السكون ولايشغل مكانا محددًا كما هو الحال في الظواهر الطبيعية ،لأنه لامكان للشعورولا محل للانتباه ،ولا حجم للتذكر أو الحلم كما أنها حالة من الديمومة، لاتستقر على حال أن تطبيق المنهج التجريبي عليها يقضي على ديمومتها ويجعلناندرسها كماض لا كحاضر. ب- شديدة التداخل والاختلاط ,أي يشتبك فيها الإدراك مع الإحساس والذكاء مع الخيال و الانتباه مع الإرادة. ج- فريدة لا تقبل التكرار،ونتائجها تكون لها صبغة ذاتية يعوزها التعميم ونتائجها وصفية كيفية كماأن اللغة تعجز عن وصف كل ما يجري في النفس ،ناهيك عن السلوكات التي مردهااللاشعور د- داخلية لا يدركها إلا صاحبهاوآن الحالة التي أحياها لايمكن أن يحياها غيري لأن لكل إنسان له تجاربهوذكرياته واهتماماته وميوله وتربيته الخاصة التي تميزه عن غيره . إذا كانت هذه العوائق تقف في وجه الباحثين في مجال العلوم الإنسانية ،فكيف استطاعوا اقتحامها وتذليلها . ثانيا:تجاوز العقبات وتحقيق نتائجمعتبرة :إن هذه العوائق التي تقف أمام تطبيق المنهج العملي ،اجتهد العلماءعلى في تذليلها في مجال الدراسات الإنسانية ،وضع مناهج تتماشي مع طبيعةالمواضيع ،واستطاعت فيها الوصول إلى نتائج علمية ومن هذه العلوم هي ,علمالتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس: 1) تجاوز العقبات في التاريخ:يعودالفضل في تذليل هذه العقبات إلى "عبد الرحمان بن خلدون" وكذلك من عقبه بعدفترة من المؤرخين الأوربيين أمثال "رينان" و"تين"و "فوتسال دي كولابج"بحيث دعوا إلى احترام طبيعة الحادثة التاريخية وخصائصها ،وعلى هذا الأساستم التوصل إلى النتائج التالية : إذا كانت الحادثة التاريخية فرديةولا تتكرر ،و تحررها من مبدأ الحتمية و عدم قابليتها للتجريب ،لذلك وجبتطويع مفهوم التجربة بحيث تنسجم مع طبيعتها ، ومن حيث ضرورة تحديد بدايتهافإن المؤرخ يلجأ على الافتراض في تحديد المنطلق ويختار أقربها إلىالموضوعية مع مراعاة التسلسل السببي بين حلقات التاريخ ,ومن التجربة فإنهيعوضها بالمقارنة التاريخية التي تقع تحت الدراسة : أ-على أساس هذه الخاصة ،وجب تناول الحادثة من خلال الآثار والوثائق وهي على نوعين : -المصادر غير الإرادية التي بقيت من غير قصد ولابنية مثل الأبنية ،النقود الأسلحة والأوسمة والتراث الفكري والأدبي. - المصادر الإرادية وهي التي بقيت قصدًا لتكون شاهدة عليهم كالرواية وكتب التاريخ . ب- التحقق من صدق المصادر وإبعادها عن الذاتية قبل إعادة بناء الحادثة التاريخية وذلك بواسطة النقد الذي يتم على مستويين: *النقد الخارجي :وهو الفحصالخارجي للمصدر من أجل معرفة هل هذه الوثيقة تعود إلى ذلك الزمن أم لا ؟وهل وصلت لنا دون تشويه أو تزوير ؟ وإذا كانت وثيقة يتفحص نوع الورق أوالحبر أو شكل الخط, وإذا كان سلاح أو نقود أو أوسمة يتفحص نوع المعدنطبيعة المواد الكيمائية من أجل التأكد من الآثار . * النقد الباطني :وهو فحص الداخليللمصدر ،من أجل معرفة هل ما ورد في هذه الوثيقة يتماشى مع عقلية الذي تنسبإليه وهل هو متفق مع ما روي في مراجع أخري وكذلك معرفة نفسية الكاتبوموفقه اتجاه هذه الحادة مما دفعه إلى التمحيص و المبالغة أو إلى التشويهفي الأحداث والقراءة الدقيقة حتى يتمكن من الوقوف على أخطاء الغيرالمقصودة والعفوية خ- إعادة بناء الحادثة بالتأليفبين أجزائها ويرتبها حسب تسلسلها الزمني ،وإرجاعها مع الحوادث العامة بعدانتقائها وفق أهميتها ونوعها 2) تجاوز العقبات في علم الاجتماع: بدأ اقتحام العقبات في تحديد "إيميل دوركايم "لخصائص الظاهرة الاجتماعية أهمها خمس : أ- أنها توجد خارج شعور الأفراد أي خاضعة للعادات والتقاليد والمعتقدات التي هي موجودة قبل أن يولد الإنسان وتوجه سلوكا ته ب- كما تعتبر قوانين المجتمعالقوة الآمرة القاهرة ما يجعل الظاهرة الاجتماعية تمتاز بالإلزام والإكراهلذلك تصبح تفرض نفسها على الفرد ج- كما أنها صفة جماعية تتمثل فيما يسميه "دوركايم" الضمير الجمعي ،أي أنها لا تنسب إلى فرد ولا إلى بضعةأفراد أنما هي من صنع المجتمع وهي عامة يشترك فيها جميع أفراد المجتمعوتظهر في شكل واحد وتتكرر إلى قترة طويلة من الزمن رغم أن الفضل في نشوئهايعود على الأفراد د- كما أنها في ترابط يؤثر بعضها في بعض ويفسر بعضها البعض الآخر مثل الآسرة هي مرآة المجتمع ربينهما تأثير متبادل ه- كما تمتاز بأنها حادثة تاريخيةأي أنها تعبر عن لحظة من لحظات تاريخ الاجتماع البشرى . أن هذا التحديدللظاهرة الاجتماعية صحح بعض التعارف الفاسدة مما أدى للدراسات الاجتماعيةبالتقدم إلى مجال العلم والموضوعية بعدما كانت عبارة عن تصورات ،وهذا ماأوصل "وركايم" إلى اعتبار نطاق الظواهر الاجتماعية أوسع مما يعتقد حيثيقول :{{مامن حادثة إنسانية إلا ويمكن أن نطلق عليها اسم ظاهرة اجتماعية}}كما أعتبر "دوركايم" أن الظاهرة الاجتماعية مثلها مثل بقية الظواهرالقابلة للدراسة وفق النهج التجريبي من أجل صياغة القانون وفي هذا قال يجب أن نعالج الظواهر على أنها أشياء ) أي بنفس المنهج الذي يدرس به عالم الفيزياء الحادثة الطبيعية 3)تجاوز عقبات علم النفس : أ-اعتبر علماء النفس أن الموضوعيةليست حكرا على باقي العلوم التجريبية ،كما اعتبروا أنها قادرة على استيعابالمواقف العلمية الجديدة ،بحيثوا تنوعت لديهم مناهج وطرق العمل مما أدىإلى ازدهار العلوم السيكولوجية خاصة الفزيولوجية ،وأول من خاض المبادرةمنهم السلوكيين وهي المبادرة التي استوحاها "واطسن" رائد السلوكية منتجربة "بافلوف"الفزيولوجي الروسي،وهي تلك التجربة التي آجراها على الكلبوالتي سماها (فزيولوجيا الدماغ ) ولكن هاته التجربة تبلورت عندالسيكولوجيين خاصة علماء الفيزيولوجيا،بحيث ساعد المنعكس الشرطي على فهمعمليات التعلم من عادة وتذكر وإدراك كما فتحت آفاقا جديدة في دائرةالدراسات النفسية ،وبهذا الشكل أصبح ينظر إلى علم النفس كما على أنه مثلهمثل باقي العلوم الأخرى حيث يقول "واطسن" (إنعلم النفس كما يرى السلوكي فرع موضوعي وتجريبي محض من فروع العلومالطبيعية ،هدفه النظري التنبؤ عن السلوك وضبطه ...ويبدوا أن الوقت قد حانليتخلص علم النفس من كل إشارة إلى الشعور )). ب- كما اعتبر علماء النفس أنهلابد من التحرر من الخصوصيات التي تحول دون فهم الحوادث النفسية كما اعتبرالسلوكيين أن الشعور ظاهرة إظافية لا طائل منها،واعتبروا أن الوظائفالذهنية والنفسية مثلها مثل بقية الظواهر يمكن دراستها بالاعتماد علىالملاحظة والفرض والتجريب واستطاعوا تدوين قوانين ومن هذه القوانين ،قانون"فيخنر"القائل (أن الإحساس = لو مؤثر))وقانون "بيرون" القائل أن ( النسيان يزداد بصورة متناسبة مع قوة لوغاريتم الزمن,أي ن= ق لوز حيث مقلوب الزمن أكبر من الصفر )). 3- هل عدم بلوغ نتائجها الدقة يحول دون استثمار هذه العلوم في فهم الواقع البشري والتحكم فيه وتحويله حسب تطلعاته؟ أولا: ليست نتائجها دقيقة ولا صحيحة : 1) نقد نتائج علم التاريخ: أنمسألة تحري الموضوعية في علم التاريخ أمر صعب لأنه من غير الممكن التجردمن العواطف كما أن الذاتية تبرز واضحة في إعادة بناء التاريخ والتعبير عنشخصياته يجعل المؤرخ يعيش معهم وهذا النوع من التعاطف ،وبهذا يؤثر على نقلالتاريخ كما ينساق المؤرخ إلى المجاملة وكل هذا يجعلنا نبتعد عن الموضوعيةبالمفهوم التقليدي . 2) نقد نتائج علم الاجتماع:وخاصةما يؤخذ على "دوركايم " بحيث لابد من التميز بين الظواهر الفيزيائيةوالظواهر الاجتماعية وبين ظواهر جامدة خالية من الإحساس وأخرى تنطوي علىحالات شعورية كما يسميها "جون مونرو" "حالات معيشة " كما أنه لايمكن الفصلبين الظواهر الاجتماعية والتاريخ والماضي ولهذا قيل عن الظواهر الاجتماعيةبأنها ( تتألف من الأموات أكثر مما تتألف من الأحياء )) . 3) نقد نتائج علم النفس : إنالنتائج والقوانين التي وصلا إليها لم يرضوا علماء النفس ،لأنها مجردتعميمات وليست دساتير ثابتة ،كما أنهم لم يرضوا أن تكون الحالة النفسيةليست سلوك مرتبط بمنبه مثلما لاحظنا ذلك عند الفزيولوجية والسلوكية أي عند"بافلوف و واطسن "على التوالي بل الحادثة النفسية شعور قبل أن تكون سلوك،و هذه الحقيقة كانت معروفة منذ القدم وتجلت في المنهج الإستبطاني والتيكانت تسعى إلى تحليل الشعور لذاته ،وخاصة مع" ريبو" حيث يرى (أنالطريقة الباطنية هي الطريقة الأساسية في علم النفس ويدونها لايمكن البدءبأية ملاحظة )) ولكن باعتبار أن الحالات النفسية لا تنقطع بل هي في ديمومةيجعل المنهج الاستبطاني لا يصلح لدراسة الحالات النفسية لدلك لجأوا إلىالتحليل في شكله الإسترجاعي كما أن هذا الأسلوب العلم لم يطمئن إلى نتائجه،لأن عملية الاسترجاع ليست صادقة في استرجاع الماضي إنما هي إعادة تنظيمالماضي بشكل جديد كما أنها طريقة مجدية مع كل الأشخاص ،إلا مع من يريدالإفصاح عن نفسه ثانيا :ومع ذالك فلقد تقدم فهمنا لكثير من الظواهر الإنسانية: 1- تقدم فهمنا في التاريخ : أن الانشغال بكتابة التاريخ جمع بين مستويين : - مستوى أفقي وهو يتعلق بالتفتحعلى كل العلوم وخاصة العلوم الإنسانية ،وخاصة المنهج العلمي الذي يعتمدهالعلماء في دراسة الظواهر الطبيعية وما يحتمه الباحث من تحديد موضوعالدراسة ونهج الدراسة وبفرضه من تحديد طرائق ووسائل تتماشي مع طبيعةالموضوع ،وهذا ما فتح المجال أمام المؤرخ ليكون له دراية في الميدان الذييعمل فيه لأنه حتى يتأكد من صحة وثيقة ما يجب أن يستعين بمجموعة العلومالموصلة ويتماشى مع التطورات والإبداعات العلمية الجديدة منها :فقه اللغةوعلم قراءة النصوص القديمة ، علم الآثار ،علم النقوش ،والجيولوجيا وعلمالنبات ..... بحيث اكتسب المؤرخ تقنيات من هذه العلوم تساعده على توسيعمجالات الدراسة ،وليعبر عن حقيقة علم التاريخ كونه ملتقي أبعاد إنسانيةمتفاعلة ومتداخلة . - أما المستوى العمودي فهو طموحالمؤرخ في جمع أجزاء الأحداث في صورة مركبة واحدة وكذلك طموحه إلى بلوغالمنطق العام الذي يحرك هاته الأحداث وهذه المهمة تجمع بين التاريخ وفلسفةالتاريخ . 2- تقدم فهمنا في علم الاجتماع:أن الدراسات التي قام بها علماء الاجتماع وسعيهم إلى تطبيق المنهج العلمي، حملهم إلى التخصص في ميدان البحث بحيث ظهرت تصنيفات للتخصصات الاجتماعيةتنتظمن أربعة فروع رئيسية مستقلة استقلالا نسيًا : أ- علم الاجتماع العام :ويهتمبدراسة وطبيعة وأشكال المقومات للاجتماع الإنساني ،كما يهتم بمناهج البحثوطاقاتها خاصة المنهج الجديد لقياس الظاهرة الاجتماعية "السوسيومتري" كمايأخذ شكل فلسفة للعلوم الاجتماعية بحيث يضع أس الدراسة وطرائق البحث وجمعالنتائج المتوصل في بقية الفروع الأخرى وهذا يعبر عن التداخل واتصال أجزاءالحياة الاجتماعية , ب- علم أصول المدنيات وتطورها:وينطوي تحتها الدراسات التالية :علم الإنسان وعلم الأجناس أيالأنثروبولوجيا والأنتوغرافيا ،وعلم الاجتماع الثقافي والديناميكاالاجتماعي ج- المورفولوجياوالديمغرافيا:وتشتمل هذا الفرع على المورفولوجيا وتهتم بدراسة بنيةالمجتمع في تركيبته وطبقاته ونمو مدنه ووظائفها ،والديمغرافيا أو الدراساتالسكانية . د- الفزيولوجيا الاجتماعية أو علموظائف الاجتماع :وهي تنظيم عدة علوم مختلفة تتعلق بالأسرة وبالاقتصادوبالسياسة وبالقانون والنفس والأخلاق والجمال واللغة والتربية والدينوالريف والصناعة والحرب . 3- تقدم فهمنا في علم النفس :إناتساع مجال البحث في علم النفس افرز عدة مدارس وفروع تخصصية وكان الدافعفي ذلك أعمال المدرسة السلوكية التي دفعتهم إلى مواصلة البحث لزيادة فهمالحادثة النفسية فظهرت مدارس مختلفة أشهرها المدرسة الشكلية "ورتيمر كوفكاوكوهلر " بحيث استفادت من أخطاء المدرسة السلوكية عندما اعتبرت أن الحوادثالنفسية عبارة عن ردود أفعال أو منعكسات شرطية حيث أنها أخذت الكائنالحيواني أو البشري كجسم آلي يستجيب لمؤثرات المحيط دون الإلتفات إلىمعرفة هذا المحيط كما يراه هذا الكائن ويتظح ذلك في قول "بيار جاني" إنالظواهر النفسية ليست عقلية ولا جسمية إنها تحدث في الإنسان بأكمله إذنليست سلوك وهذا الإنسان مأخوذ في مجموعة ). والثانية مدرسة التحليل النفسيحيث صرحت أن الحياة النفسية ليست كلها شعورية ووجهت عنايتها إلى وجوداللاشعور وانعكاساته على حياة الإنسان بإتحاد اللاشعور كعامل جوهري في فهمالوقائع النفسية لأنه في الحقيقة يرتبط بمؤثرات ثقافية معينة ،والثالثةالمدرسة التلفيقية مع "كورت لوين" الذي أشتهر بنظريته المجالية و"هورسل"الفيلسوف الظواهري ،بادرت بالنظرة الشمولية واعتبرت الحادثة النفسية كلاًمتكاملا غير قابل للتميز بين مؤثراته الباطنية والعوامل الخارجية وفي هذهالتكاملية الجمع بين ما هو شعوري وما هو خارجي وما هو ذاتي وما هو موضوعي،يلح" كورت لوين" تلميذ "كوهلر" في نظريته المجالية على مجال البيئة ويقصدبذلك "المجال الحيوي المحتوى على الشخص وبيئته السيكولوجية "هاته النظرةالكلية ساعدت أنصار المدرسة أو النظرة السيكولوجية إلى تحقيق نتائج ترقيإلى مستوى الموضوعية ،مما زاد نشاطهم واتساع مجالات انشغالاتهم هو ظهورعدة فروع في علم النفس نذكر منها علم النفس الحيوان ،والطفل ،و المراهق،المرضي ،الصناعي و الرجل البدائي .....كما أن هناك فروع أخرى مثل علمالنفس لدي المجتمعات الرأسمالية ولدي البوذية ....مما أثري وسائل العملتبعا لكل تخصص. ثالثا:مما فتح المجال واسعا للتحكم فيها وتحويلها حسب تطلعاتنا: 1- الفائدة من علم التاريخ:أنلعلم التاريخ وجهين وجه إيجابي وآخر سلبي فالوجه الايجابي هو أننا نأخذالعبر ونستوحي الحكمْ التي خبرة وحنكة الناس الذين سبقونا كما نتطلع علىحياتهم المدنية وأخلاقهم وسياستهم وديانتهم وأساليبهم في الإنتاج والتجارة،أما الوجه السلبي هو الإطلاع تلك الكوارث ومآس التي تسبب فيها الإنسانبحكم الضغائن والأحقاد والأطماع وما ترتب عن ذلك من حروب طاحنة ،ولكن رغمذلك يبقي التاريخ مصدر العبر والدروس كما يساهم في منح الهوية ومعرفةمناقب الأجداد وتاريخهم كمرجعية ينهل منها مقوماتهم ،كما أن معرفة التاريختزيد الشعوب المضطهدة قوة لمواجهة الغزو والهيمنة كما أنه يسهم في تحررالإنسان بقدر ما يعي فيه وقائع الماضي دقائقها وكليتها ،وفي هذا الشأنيقول "غوته" :{{أن التاريخ أبعد من يرهق الإنسان بأثقال زائدة ،وهو علىعكس من ذلك أداة تتيح للإنسان فهم الماضي وتحضير المستقبل }}. 2- الفائدة في علن الاجتماع :[/b:6baf
_________________
|